عرب الشتات

عرب الشتات
أماني هلال.jpeg
محمد حمدان دقلو (cropped).jpg
Abdelrahim Dagalo.jpg
Mohamed Bazoum at the European Commission - P060245-844068 (cropped).jpg
المناطق ذات التجمعات المعتبرة
غرب السودان، الساحل الأفريقي
اللغات
العربية
الدين
الإسلام السني
الجماعات العرقية ذات الصلة
عرب السودان (عرب الأبالة، عرب البقارة، الرزيقات)

عربان الشتات أو عرب الشتات أو عربان الشتات الأفريقي هي قبائل عربية هاجرت إلى أفريقيا، وخاصة بلدان الساحل الأفريقي.

التعريف

بحسب السياسي السوداني ووزير الخارجية الأسبق الدرديري محمد أحمد، فإن الحرب الأهلية السودانية التي اندلعت عام 2023 ليست سوى الحلقة الأخيرة من حلقات مؤامرة تهدف لتوطين عربان الشتات في السودان بعد تهجير سكانه الأصليين (أطلق عليهم العربان الأصليين). قال الدرديري إن هؤلاء العربان ظلوا يبحثون عن وطن بديل يُمثلوا فيه نسبة مقدرة من عدد السكان ويُعترف لهم فيه بحقوق المواطنة وتتوفر لهم فيه فرصاً لم يحصلوا عليها في بلدانهم الأم، مؤكداً أنهم وجدوا ضالتهم في شخص حميدتي (الذي ظل مشروع توطين عرب الشتات في السودان هو مشروعه الأول منذ أن أسس مليشيا سماها الوعيد الصادق عام 2007). وبحسب الدرديري، لهذه المؤامرة أطرافاً خمسة هي: أوروپا (خاصة فرنسا)، عربان الشتات، الإمارات، قوى الاتفاق الإطاري، الدعم السريع (حميدتي)، وادعى أن المؤامرة مرت بثلاث مراحل رئيسية:

  • المرحلة الأولى: كانت عام 2014 عندما أطلق الاتحاد الأوروپي عملية الخرطوم الهادفة لجعل السودان مركزاً لإيقاف الهجرة غير الشرعية لأوروپا، حيث اعتبروا (السودان دولة عبور مؤهلة للتمويل ولعب دور الشرطي لوقف تدفق اللاجئين واختاروا الدعم السريع لأن يكون هو هذا الشرطي وهكذا تلقى الدعم السريع عشرات وربما مئات الملايين من أوروپا لتعزيز دوره كلاعب إقليمي مما مكن الدعم السريع وحميدتي شخصياً لأن يقدم نفسه لعربان الشتات في ثوب مقبول لأول مرة).
  • المرحلة الثانية: هي عاصفة الحزم 2015 التي أدخلت عنصر جديد في المؤامرة وهو الإمارات. عاصفة الحزم مكنت حميدتي من تجنيد عربان الشتات بمرتبات مغرية وبالتالي قدمته لهم كزعيم وقائد حقيقي.
  • المرحلة الثالثة: جاءت في 2019 عندما تولى حميدتي منصب نائب رئيس المجلس العسكري، ولأول مرة وجد عربان الشتات واحداً منهم يتولى مثل هذا المنصب الرفيع وبالتالي صار حميدتي بمثابة المخلص لعربان الشتات والضامن لتحقيق حلمهم بالوطن البديل.

قال الدرديري إن أوروپا أرادت التخلص من عربان الشتات في غرب أفريقيا وكانت تعلم أن مشروع حميدتي هو جعل السودان وطن بديل لهم وهذا توافق مع هدفين رئيسيين تسعى أوروپا لتحقيقهما:

  • أولاً: التخلص من عربان الشتات في الساحل الأفريقي لأنهم غير مندمجين في مجتمعاتهم ولأنهم يعملون في تجارة السلاح ولأنهم مرتبطين بالقاعدة وداعش وبوكو حرام ولأنهم يعملون في تنظيم الهجرة غير الشرعية.
  • ثانياً: إعادة توطينهم في السودان تجعلهم يعملون ضد الفلول والكيزان ويمثلون حاضنة سياسية للقوى الليبرالية التي لا تمتلك حاضنة شعبية وبالتالي نشأ هذا التحالف غير المقدس بين عربان الشتات ومجموعة الإطاري وحميدتي والإمارات وأوروپا.

التاريخ

أبو زيد الهلالي يحارب حجازي بن نافع.

عام 441 هـ (1050 م)، أوقف المعز بن باديس الدعاء في منابر القيروان للخليفة الفاطمي المستنصر وأسقط عبارة "حي على خير العمل" من الآذان. كان ذلك إيذاناً بإعلان خروج بلاده (تونس) على الدولة الفاطمية بالقاهرة وولائها للخليفة العباسي ببغداد، بل انسلاخها عن المذهب الإسماعيلي الشيعي واتباعها المذهب المالكي السني. وبحسب ما أورد ابن الأثير استشار الخليفة الفاطمي وزيره، فأشار عليه بأن يسرح له العرب من بني هلال وبني جشم الذين في صعيد مصر، وأن يتقدم لهم بالإصطناع ويستميل مشايخهم بالعطاء وتولية أعمال أفريقية (أي تونس) وتقليدهم أمرها. ولم يشر الوزير للخليفة بإرسال جيش نظامي، وإنما طلب منه أن يوكل الأمر لهؤلاء البدو لما عرفوا به من شدة المراس، "وربما الاغارة على الضواحي وافساد السابلة" كما ذكر ابن خلدون. وكانوا قد أحدثوا العديد من الاضطرابات في صعيد مصر الذي وفدوا إليه بآخرة. فأراد الوزير باستشارته تلك ان يصطاد عصفورين بحجر فيتخلص من هؤلاء الأعراب ويؤدب ابن باديس.[1] وبقية القصة تحكيها السيرة الهلالية التي روت لنا كيف قتل أبو زيد الهلالي الخليفة الزناتي. لم يذكر ابن الأثير كل القبائل التي شملتها تلك الهجرة. اذ دخل في ركاب الهجرة الهلالية لأفريقيا خلق كثير، منهم بنو سليم وجهينة وجذام وبنو قيس. وما كل من شارك في تلك الهجرة كان مقيماً بصعيد مصر، وإنما عَبر بعضهم برزخ سيناء قادمين من بوادي نجد والحجاز مباشرة. وما كل من أتى مع تغريبة بني هلال، أي توجههم غرباً بغية الغزو، كان قد جاء بقصد الغزو والإغارة، وإنما دخلت بعض القبائل أفريقيا بحثاً عن المرعى. فبينما قصدت غالبية قبائل التغريبة تونس متيامنة سيف البحر المتوسط، فإن بعضاً منها سار في ركاب هؤلاء حيناً، مستأمناً على إبله، ثم فارقهم وصعد جنوباً محاذياً الضفة الشرقية لنهر النيل ليستقر به المقام عند الأتبراوي وبادية البطانة ومناطق رفاعة والصعيد، وجل هؤلاء من جهينة. هذا بينما حاذى البعض الآخر الضفة الغربية للنيل ميمماً نحو الجنوب. عند الشلال الرابع انقسمت هذه المجموعة الأخيرة لفريقين. جماعة اتجهت تلقاء الغرب متتبعة الواحات المنتشرة على الخط الفاصل بين الصحراء الكبرى وحزام السافانا ليستقر. بها المقام في موريتانيا، وأغلب هؤلاء من القيسيين. بينما توغل القسم الآخر الى الجنوب الغربي متتبعاً وادي الملك في ظعن متمهل استمر لأربعة قرون ليلقوا عصا التسيار عند حوض بحيرة تشاد وشمالي الكاميرون ونيجيريا، وهؤلاء من جذام.

من يعنوننا في هذا المقال هم بعض من قصدوا الى تونس وشهدوا معركة القيروان ودكوا حصونها. فبعد المعركة قفل أغلب بنو سليم ومعهم بطون من بني هلال راجعين لديارهم في صعيد مصر ونجد والعراق، راضين بما حصلوا عليه من ذهب كثير حكى التاريخ كيف أدى وروده أسواق القاهرة ودمشق وبغداد الى اختلال كبير في الأسعار. بينما توغل القيسيون وغيرهم غرباً فانتشروا في بلاد المغرب العربي ودخلوا الأندلس فكانوا عوناً للدولة المرابطية. أما جهينة فقد قصدت إلى حوض بحيرة تشاد لتبلغه في حوالي عام 1460، أي بعد ظعن وإنتجاع استمر لأربعمائة عام. وبعد حادثة شقة الناقة او ناقة العريقي، الشهيرة في ميثولوجيا هذه القبائل، والتي وقعت نحواً من عام 1560 انفتل جزء من هذه القبائل نحو الجنوب الشرقي ليدخل الحزام المطير في دارفور وكردفان بينما بقي آخرون في حوض بحيرة تشاد أو يمموا مع نهر شاري غرباً تلقاء ما يعرف الآن بالنيجر ومالي وما ورائها. هؤلاء هم من يُطلق عليهم عربان الشتات.

نص كتاب تغريبة بن هلال ورحيلهم الى بلاد الغرب وحروبهم مع الزناتى خليفة. انقر على الصورة للمطالعة.

لم يعتني العالم العربي بدراسة هذه الهجرات أو عربان الشتات الذين نتجوا عنها. واقتصرت الدراسات القليلة حول هذا الموضوع على التنقيب في بطون الكتب عما اورده ابن الأثير الذي عاش بعد قرن من تلك الأحداث وكان بعيداً عن مسرحها منشغلاً بمرافقة صلاح الدين الأيوبي والتأريخ لغزواته. أو لسان الدين الخطيب الذي جاء بعد ابن الأثير بقرن آخر وكان أيضاً بعيداً بالأندلس يتسقط فيها ما يصله من خبر. أو المقريزي الذي، وإن كان مقامه بالقاهرة، إلا أنه عاش بعد ثلاثة قرون من تلك الوقائع. أو ابن خلدون الذي فصلته عن الهجرة الهلالية نحواً من أربعمائة سنة. ولعل أبرز دراسة عربية معاصرة لهذه الحقبة هي تلك التي قام بها الشاعر المصري الكبير عبد الرحمن الأبنودي لتوثيق السيرة الهلالية التي تعتبر أهم الملاحم الشعبية العربية. اذ قام برحلة بدأت في صعيد مصر في مطلع الستينات لتشمل لاحقاً تونس والسودان، ثم عربان الشتات في تشاد ونيجيريا. وقد دون تلك السيرة على مدى ثلاثين عاماً في خمسة مجلدات، ثم قدمها في إلقاء مسموع عبر الإذاعة المصرية له مقدمة مغناة أداها محمد منير. لكنه على سبق هذه الدراسة وقيمتها التوثيقية العالية إلا أنها كانت معنية بتلك السيرة الأدبية وحدها. أما واقع المجتمعات التي نتجت عن تلك الملحمة فهو ما لم تلق له بالاً.

غير أن اليهود هم من أولوا هذه الهجرات اهتماماً أوسع ودرسوها بالطرق العلمية الحديثة ليقفوا على واقع وخصائص شعوب الشتات العربي ويتبينوا أنجع السبل للتعامل معها وكيفية توظيفها لخدمة أغراضهم. فأنفقوا في ذلك الملايين. ونتجت عن جهدهم مكتبة تضم المئات من الدراسات التي اتبعت في إعدادها أفضل مناهج الأنثروبولوجيا وتقنيات الحمض النووي، وبينما أتيح قسم من هذه الدراسات للدارسين عبر محركات البحث الأكاديمي بالأنترنت، فهناك ما هو مصنف تحت درجات السرية العالية. ومن بين الدراسات المفتوحة دراسة لتوماس لـِڤي وأوگستين هول نشرت عام 2022 في مجلة الآثار الأنثروبولوجية. عقدت تلك الدراسة مقارنة بين هجرة اليهود إلى أرض كنعان حوالي عام 1100-1300 ق.م. وهجرة أعراب جذام إلى شمالي الكاميرون ونيجيريا خلال الفترة من 1050-1390، ممن يعرفون حالياً باسم عرب الشُوا. الأطروحة الاساسية التي تثبتها تلك الدراسة هي أن الهجرات تمثل قوى فعالة في تكوين هويات الشعوب. فالهجرة الرئيسة لشعب ما تترسخ في الذاكرة الجمعية لذلك الشعب وتشكل شخصيته. فمثلما أن رحلة التيه عبر صحراء سيناء قد شكلت هوية الإسرائيليين فان الهجرة لأربعة قرون بمحاذاة حوض النيل ثم وادي الملك هي العامل الحاسم في تكوين هوية عرب الشُوا بشمال الكاميرون. وبالرغم من تباعد النموذجين موضوع الدراسة تم التوصل إلي أنه في الحالتين كانت للهجرة الطويلة ذات الآثار على تشكيل هوية الشعبين.

دخل عربان الشتات لأول مرة في معادلات السياسة الدولية عام 2003 حين أُستخدم قسم منهم لإشعال فتنة دارفور. ثم توسع نطاق استخدامهم في عملية عاصفة الحزم التي أطلقت في مارس 2015. حيث تم استجلابهم إلى اليمن تحت مظلة الدعم السريع ليكسروا شوكة الحوثيين. وأخيراً أتي بهم لاجتياح الخرطوم. وفي هذه المرة يتضمن السيناريو جعل السودان وطناً بديلاً لهؤلاء العربان لتغيير التركيبة السكانية فيه على نحو يخلخل المجتمع السوداني التقليدي. ومشروع إعادة توطين عربان الشتات بالسودان جزء من مشروع كبير يهدف لإبدال النخبة السياسية في بلاد الواق واق بنخبة علمانية المزاج. نخبة تهيئ لتجاوز الثقافة التي ولدت لاءات الخرطوم الثلاث، تلك اللاءات التي لا تزال إسرائيل تعتبرها شوكة في خاصرتها. بل نخبة تتجاوز ما يسميه البعض سودان 56. وإذا كان تغيير النخبة السياسية هو مشروع الغرب كله، تقوده الولايات المتحدة وتقرها عليه أوروپا وتحركه إسرائيل من وراء ستار، فإن لفرنسا مشروعاً خاصاً بها ترجو تحقيقه بإعادة توطين عربان الشتات بالسودان. فهي ترغب في التخلص من هذه الجماعات العرقية التي ترفض الاندماج في مجتمعاتها المحلية في الامبراطورية الفرنسية بغرب أفريقيا وتنشط في تهريب البشر والاتجار في الأسلحة الصغيرة وترتبط بمنظمات إرهابية من شاكلة بوكو حرام وبعصابات اجرامية عابرة للحدود. خلال العامين الاخيرين دخل تنفيذ هذه العملية مراحل متقدمة، وتولاه ميدانياً نفر مرتبطون بالإمارات ومن خلالها بفرنسا واسرائيل. اذ تولى الإشراف العام على تنفيذ المخطط محمد صالح النظيف وزير خارجية تشاد، الذي ينحدر من ماهرية تشاد. وقد كُلف في مارس 2021 (بدعم معلن من فرنسا، وبتدبير خفي من الموساد ولا شك) بشغل منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في منطقة غرب أفريقيا ومنطقة الساحل، ذلك ليدير كامل المسرح على اتساعه ببشره وبُجره. وتزامن تكليف النظيف مع انتخاب محمد بازوم رئيساً للنيجر في أبريل 2021، أيضاً بترحيب معلن من فرنسا. هذا رغماً عن أن الأقلية العربية في النيجر لا تكاد تبلغ 1% من سكان تلك البلاد. بالطبع توافق هذا كله مع تولي حميدتي منصب نائب الرئيس في السودان. ولا ننسى أن حميدتي، وليس البرهان، هو الذي تلقى دعوةً للسفر للنيجر لحضور حفل تنصيب بازوم. ما إن سلس القياد لهذا الثالوث حتى تكثفت الدعاية في تشاد والنيجر ومالي لتوطين عربان الشتات بالسودان. وتقبل العربان الفكرة خاصة أنها جاءت مصحوبة بضمان أن من يجندوا سينتدبون لليمن. فذلك أمر تبينوا جدواه، إذ تغيرت حيوات من عادوا من اليمن وتحققت أحلامهم. وهكذا انطلق المشروع حثيثاً. فما هي إلا أشهر قليلة حتى نُشرت ماكينات اصدار البطاقة القومية السودانية وجواز السفر السوداني شرقي النيجر وجنوبي ليبيا. وبالطبع ربطت هذه الماكينات ساتلياً بشبكة السجل المدني في الخرطوم. فاذا صدر الرقم الوطني المعين من موقع بالنيجر أو الكفرة لا يعاد إصداره مرة أخرى بالسودان، بل يبدو وكأنه قد صدر من البينية أو مجمع الخدمات بالسجانة او غير ذلك من المواقع. وهكذا حصلت أعداد لا حصر لها على الرقم الوطني السوداني وكذلك جواز السفر. ثم بدأت الخطوة التالية والتي هي ادخال عشرات الآلاف من هؤلاء الشبان السودانيين إلى موطنهم الجديد ونقلهم مباشرة لمعسكرات تدريب قوات الدعم السريع بزعم إعدادهم للالتحاق بالفرق المقاتلة في اليمن. هؤلاء هم عربان الشتات. وهذه هي المؤامرة التي أتت بهم لدورنا في الخرطوم ومدننا وقرانا في دارفور وكردفان ومكنتهم من ارتكاب الفظائع المعلومة التي يندي لها الجبين. غير أن هذه المؤامرة لم تكتمل فصولها بعد، فهي ترمي لتوطينهم في السودان وليس لمجرد اجتياح القيروان. فهناك حرب لابد من خوضها في هذه البلاد، ضد هؤلاء الذين تجرأوا كثيراً.

عربان الشتات في السودان

ينتسب عربان الشتات إلى الجد الأكبر "جنيد" الذي هو أيضاً جد مجموعات كبيرة تستوطن دارفور وكردفان والنيل الأبيض. ويشمل ذلك الرزيقات والمسيرية والحوازمة والمحاميد والماهرية وأولاد راشد وبني هلبة والتعايشة والهبانية والسلامات وخزام وسليم وأولاد حميد. ويحظى اسم جنيد باحترام كبير في الذاكرة الجمعية لهذه القبائل. لذا أسس من نظموا التشريقة (أي الهجرة شرقاً) المئات من المنصات الاجتماعية والإعلامية في الفضاء الإلكتروني تحمل اسم جنيد. واستأجروا المقار لذلك الكيان القديم الجديد. وسميت كبرى شركات آل دقلو "شركة الجنيد". ثم نفضوا الغبار عن ذكرى "عطية" و"حيماد"، إبني جنيد، وجعلوا بإسميهما تمظهرات سياسية لكيانين فرعيين. ولكن شتان بين أبناء جهينة السودان وعربان الشتات. فبسبب الهجرات التي تطاولت زماناً وتباعدت مكاناً تباينت المجموعتان تباينا كبيرا رغم وحدة الأصل والاسم، فاتخذتا طرائق قددا وصارت لكل منهما شخصيتها وهويتها الخاصة. تلحظ ذلك في اختلاف اللهجات وطرق التحية والمأكل والملبس والنظافة الشخصية والمحكيات التراثية. كما يظهر في رقة الدين لدى عربان الشتات وجهلهم بالشعائر والشرائع وبغضهم للغريب وعنصريتهم المفرطة وضعف دور المرأة لديهم.

​إضافة ألى الأثر الذي نتج عن اختلاف الهجرات، هناك تباين آخر بين المجموعتين حدث بسبب انصهار قبائل جهينة السودانية في البوتقة الوطنية في هذه البلاد نحواً من ثلاثة قرون طورت فيها هذه القبائل ولاء لوطنها الجديد وامتزجت في أعراقه المتعددة. فشاركت قبائل جهينة السودانية في ملاحم السودان ومشاهده الكبرى بدءاً بمعركة المقدوم هاشم سلطان المسبعات ضد السلطان تيراب عام 1790. حيث دخلت تلك القبائل في حلف مع العبدلاب لمناصرة المقدوم هاشم. كيف لا وكانت لها موجدة ضد السلطان تيراب وسلفه الذين أساءا معاملتهم وسلطا زبانيتهما على الظعائن والقطعان عند عبورها بلادهما. وضربت جهينة السودان بسهم وافر في الثورة المهدية، التي خرجت منها لها ما لها وعليها ما عليها شأنها في ذلك شأن كل قبائل السودان الكبرى. وحازوا في ربوع غرب السودان حواكير فسيحة غير متنازعة. فنَعِم الهبانية، مثلا، بدارهم "الكَلَكة الما ليها مَلَكة"، واعتز المسيرية بدار "دينقا أم الديار". إذ ما من قبيل منهم إلا وله بادية لا تقل مساحتها عن إنگلترة. ثم برز منهم أفذاذ في الإدارة الاهلية ممن شبوا في بيئة صاغها ترتيل القرآن وتلاوة راتب الامام المهدي وصهيل الخيول وأزيز النحاس، فتشربوا الفضائل السودانية كابراً عن كابر وأطلق حكماؤهم من طراز الناظر بأبو نمر والناظر موسى مادبو والناظر علي الغالي مقولات جرت مجرى الأمثال. وقد زامل هؤلاء أضرابهم من زعماء العشائر الأخرى مثل شيخ العرب عوض الكريم أبو سن والناظر علي التوم نداً لند وبادلوهم وداً بود. وكانت بيوت النظار في دارفور وكردفان رائدة في ابتدار المصاهرات مع قبائل سودانية أخرى. وحذا حذوهم الكثيرون من افراد قبائلهم فاختلطت الدماء وتمازجت الأعراق وتشابهت الملامح. ثم جاء التسلك في الجندية والشرطة، والالتحاق بالتعليم النظامي، وامتهان الوظيفة الحكومية، والاشتغال بالتجارة والزراعة، والانتظام في الأحزاب السياسية الكبرى والطوائف الدينية، وانتشار الراديو والتلفاز، وذيوع أغنية الحقيبة، وشيوع رياضة كرة القدم، وما الى ذلك من ممسكات الوحدة الوطنية. ثم ترابطت أصقاع البلاد المترامية بالسكك الحديدية والطرق الأسفلتية فتواصل الناس وتآلفوا. ثم كان الانفعال بالقضايا الوطنية الكبرى مثل الاستقلال وقضية الجنوب وثورة أكتوبر ونزاع حلايب. أصابت جهينة السودانية من كل ذلك بقسط، مما أدى الى تكثيف تفاعلها في الفضاء الوطني وتقارب مزاجها وبقية السودانيين وتوحدها معهم في الوجدان. كما ظهرت في بوادي هذه القبائل كبريات المدن ووسيطاتها من شاكلة نيالا وبرام وعد الفرسان والضعين والفولة والدبيبات فعرف قاطنوها مخالطة المجتمعات والمنتديات الجامعة والمناسبات المفتوحة وتعدد الأعراق. وحين اتفق السودانيون على إعلان الاستقلال من داخل البرلمان إنبرى لتقديم الإقتراح عبد الرحمن دبكة ناظر عموم بني هلبا. لم ينل الناظر دبكة ذلك الشرف صدفة، وإنما كان لذلك سبب معلوم وقصة تروى. إذ كان قد استقبل قبلها بعدة أشهر الزعيم إسماعيل الأزهري أثناء جولته في دارفور استقبالاً مهيباً. وعند اعتلاء الناظر دبكة المنصة للترحيب بالضيف الكبير هتف "عاش السودان حراً مستقلاً". فهاجت الجماهير وماجت وأرعدت بذلك الهتاف ليشق عنان السماء. وقد تأثر الزعيم الاتحادي بذلك أيما تأثر. وربما أسهم هذا المشهد العفوي في إكمال الصورة لديه والبلاد تتأهب للاختيار بين الاستقلال او الوحدة مع مصر. ومن ثم تقرر أن يتقدم دبكة بذلك المقترح التاريخي.

​أين عربان الشتات من كل هذا! أين هم من هذه البوتقة الكبرى التي صهرت السودانيين جميعاً وقوت رابطتهم. وأين الانفتاح على هذه المعاني الوقادة من الإنكفاء على سرديات مغلقة ولدتها هجرات أبدية في تيه سرمدي. وهل لعربان الشتات مصاهرات حتى مع بني عمومتهم جهينة السودان فضلاً عن أن تكون لهم صلات بقبائل السودان الأخرى! رفض زعماء جهينة السودان مشروع حميدتي وتوجسوا خيفة من إشراك عربان الشتات في مسائل من خصوصيات وطن ليس لديهم له أي إنتماء. فنفض أقطاب بيت مادبو أياديهم مبكراً في إعلان جهير. ولحقت بهم بيوتات النظارة في دار المسيرية. بل وجه مثقفو هذه القبائل سراً وعلانية نداءات لحميدتي وهو في عزه وصولجانه يوزع الملايين كما توزع قطع الحلوى. فناشدوه أن يطامن من أحلامه وقالوا "إنا نرى شجراً يسير". وقد قرأ الناس ما كتبه المهندس عبد الله مسار. وسمعوا ما أعلنه السيد موسى هلال. وبلغ المهتمين خبر النصيحة المرة التي صدع بها سياسيون كبار من هذه القبائل في جلسات خاصة مع حميدتي. ومن هؤلاء أقطاب المسيرية أحمد الصالح صلوحة وعمر سليمان والخير الفهيم المكي. ومنهم سلمان سليمان الصافي زعيم الحوازمة. وحين شارك في مقتلة الدعم السريع وهمجيته بعض أبناء هذه القبائل، إما ممن كانوا أصلاً ضمن مجنديه أو من المارقين الذين أغراهم السلب والنهب، تبرأ ذويهم من فعالهم. فأبوا أن يضيفوهم لدى عودتهم او يعترفوا ان ما أتوا به غنيمة تحل لهم. بل منهم من رفض ان يمد يديه لقراءة الفاتحة على ابنه الذي قتل في صفوف الدعم السريع. وقد ساء هذه القبائل ما لحق بالجنينة مثلما ساء ذلك سائر أهل السودان، بل أشد. ذلك لأن الدعم السريع قد استغل أسماء هذه القبائل في تلك المذبحة البشعة. فما يجمع ماهرية السودان بالمساليت أرسخ من أن تنفصم عراه بسبب فعال هذه الجماعة المارقة. وما بين الناظر محمود موسى مادبو والسلطان سعد عبد الرحمن بحر الدين من رابطة الوطن والإخاء في الدين أمتن من أي انتماء ضيق.

الحرب في دارفور

ارتبطت الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023 بكثير من الاتهامات حول أسباب اندلاعها وما تحمله من خفايا لتنفيذ مخططات بعينها، من بينها إحداث تغيير ديموغرافي في البلاد وبخاصة في غربه (إقليم دارفور) عبر إقامة دولة باسم عربان الشتات الأفريقي على حساب قبائل السودان الأصلية ذات الأصول الأفريقية، وذلك في ضوء سيناريو التقسيم المتوقع حدوثه.[2]

بحسب والي ولاية شمال دارفور السابق عبد الواحد يوسف إن "موضوع عربان الشتات واستيطانهم، سواء كان في السودان أو غيره، مجرد أقوال وشطح في التحاليل، فهذه المجموعات لا تميل إلى الاستقرار ولا تحبذ حياة المدن فهي في حال ترحال ونزوح مستمر من مكان إلى آخر، بيد أن الحروب والفوضى يمثلان العامل الرئيس الذي يجذبهم إلى المدن بغرض النهب وكسب المال، وهو ما يسعون إليه طوال حياتهم، بخاصة أنهم بطبعهم مغامرون يركبون الصعاب ولا يقدرون قيمة الحياة لهم أو لغيرهم، فكسب المال بأية وسيلة يساوي عندهم الحياة، لذلك تجدهم يرمون بأنفسهم في المهالك ولا يعتبرون ذلك إلا شجاعة وفروسية". وأضاف يوسف "في تقديري أن هذه الجماعة ستظل أداة في يد بعض المغامرين أمثال قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو لتحقيق مجد يراوده، أو تستخدمهم بعض الدول الإقليمية في محاربة ما تسميه الإسلام السياسي، أو بعض الدول الأوروپية التي تسعى إلى خلق توترات في بعض الدول الأفريقية الغنية بالمعادن حتى تأتيها الفرصة للاستحواذ عليها".

ومضى في القول "هذه الجماعة نشطت في دارفور بعد اندلاع التمرد عام 2003 لكن ليس بالصورة المبالغ فيها ومن المرجح أن مشاركتهم في القتال آنذاك كانت محدودة وهدفها نصرة أبناء عمومتهم الموجودين أصلاً في دارفور، مع الرغبة في جمع المال ونهبه، لكن توسعت مشاركتهم بعد اندلاع حرب 15 أبريل 2003 بناء على أعمال منظمة رعاها دقلو وشقيقه عبدالرحيم". قال والي ولاية شمال دارفور السابق عبدالواحد يوسف إن "موضوع عرب الشتات واستيطانهم، سواء كان في السودان أو غيره، مجرد أقوال وشطح في التحاليل، فهذه المجموعات لا تميل إلى الاستقرار ولا تحبذ حياة المدن فهي في حال ترحال ونزوح مستمر من مكان إلى آخر، بيد أن الحروب والفوضى يمثلان العامل الرئيس الذي يجذبهم إلى المدن بغرض النهب وكسب المال، وهو ما يسعون إليه طوال حياتهم، بخاصة أنهم بطبعهم مغامرون يركبون الصعاب ولا يقدرون قيمة الحياة لهم أو لغيرهم، فكسب المال بأية وسيلة يساوي عندهم الحياة، لذلك تجدهم يرمون بأنفسهم في المهالك ولا يعتبرون ذلك إلا شجاعة وفروسية".

وأضاف يوسف "في تقديري أن هذه الجماعة ستظل أداة في يد بعض المغامرين أمثال قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو لتحقيق مجد يراوده، أو تستخدمهم بعض الدول الإقليمية في محاربة ما تسميه الإسلام السياسي، أو بعض الدول الأوروبية التي تسعى إلى خلق توترات في بعض الدول الأفريقية الغنية بالمعادن حتى تأتيها الفرصة للاستحواذ عليها". ومضى في القول "هذه الجماعة نشطت في دارفور بعد اندلاع التمرد عام 2003 لكن ليس بالصورة المبالغ فيها ومن المرجح أن مشاركتهم في القتال آنذاك كانت محدودة وهدفها نصرة أبناء عمومتهم الموجودين أصلاً في دارفور، مع الرغبة في جمع المال ونهبه، لكن توسعت مشاركتهم بعد اندلاع حرب 15 أبريل 2003 بناء على أعمال منظمة رعاها دقلو وشقيقه عبدالرحيم".

وفي السياق قال مساعد رئيس حزب الأمة القومي للشؤون القانونية إسماعيل كتر إنه "في ما يختص بقضية عرب الشتات في السودان فإنها مسألة قديمة تتعلق بمحاولات استيطان الإثنيات العربية المهجرة من تشاد والنيجر ومالي وأفريقيا الوسطى وليبيا وبقية دول الساحل الأفريقي إلى السودان، بخاصة في إقليمي دارفور وكردفان بطريقة مدروسة ومدعومة من دول غربية منذ القرن الخامس عشر، إذ يعتمد هذا المخطط على تفتيت البلاد إلى ثلاث دول في الغرب والوسط والشمال، لكنه قوبل برفض تام من السكان أصحاب الأرض الأصليين وبخاصة في إقليم دارفور".

وتابع، "تزايدت أعداد هذه المجموعات خلال فترة النظام السابق حين اندلعت حرب دارفور، إذ استعان بها النظام لسحق الحركات المسلحة وجرى توطينها وصاحبتها عملية تأصيل ممنهجة بتسمية كثير من المعالم وغيرها بأسماء عربية، والآن ينظر هؤلاء المهجرون من عرب الشتات إلى الحرب الدائرة في السودان والتي يشاركون فيها إلى جانب قوات الدعم السريع على أنها فرصة لتحقيق حلمهم في إقامة دولة تجمعهم، متخذين شعارات كاذبة بقولهم إنهم يحاربون من أجل تحقيق أهداف ثورة ديسمبر 2018 لاقتلاع عناصر نظام عمر البشير من الحكم وإرساء دعائم الديمقراطية، وهذا كلام أقل ما يقال عنه إنه مضحك، فأي ديمقراطية هذه التي ستأتي بها هذه القوات التي شاركت في قمع الثورة". وذكر كتر "لذلك تجدهم يمارسون القساوة في حربهم المزعومة مستهدفين المواطن بالدرجة الأولى والأعيان المدنية، وذلك للتضييق على كل من لا ينتمي إلى إثنيتهم حتى يغادر الأرض والبلد، وهو ما شاهدناه في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور وحاضرة قبيلة المساليت صاحبة الأرض والتاريخ في هذه الجغرافيا، عندما قامت تلك المجموعات بعمليات تطهير عرقي فيها بعد شهرين من اندلاع الحرب راح ضحيتها أكثر من 5 آلاف من رجال هذه القبيلة، فضلاً عن طرد نسائهم من المدينة إلى دولة تشاد المجاورة، وبكل أسف كانت مجزرة وحشية لم يسبق لها مثيل في التاريخ".

وزاد، "تكررت هذه الأحداث في مدينتي زالنجي وكاس وفي مدن وقرى أخرى في دارفور، ومثلت منطقة الزرق مثالاً خاصاً، إذ حدث فيها إحلال سكاني طرد بموجبه سكانها التاريخيون، لكن الشيء المهم أن هذا المخطط وجد مقاومة شعبية عارمة بدافع الكرامة وتمسك أصحاب الأرض بأرضهم وإن أدى ذلك إلى فقد أرواحهم، فمثلاً نجد أن المعارك العنيفة التي دارت في الفاشر راح ضحيتها نحو 150 ألف شخص ظلوا يقاومون تلك المجموعات التي تريد تهجيرهم قسرياً، وبالتالي أصبح تحقيق طموحهم في إنشاء دولتهم الجديدة مجرد سراب".

وبيّن مساعد رئيس حزب الأمة القومي للشؤون القانونية أن من محاسن هذه الحرب، على رغم مآسيها المتمثلة في تدمير البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من 12 مليون مواطن إلى داخل البلاد وخارجها، وانتهاك الأعراض ونهب الممتلكات، أنها أفشلت المخططات التي تريد النيل من هذا الوطن كافة، فضلاً عن إسهامها في تماسك ووحدة الشعب السوداني بكل كلياته بغض النظر عن إثنياتهم، إذ تدافعت كل القبائل من مختلف المناطق للدفاع عن تراب هذا الوطن لإحساسهم بقيمته الغالية".

من جانبها أفادت نائبة رئيس هيئة محامي دارفور نفيسة حجر بأن "الناظر إلى الحرب الراهنة يجدها محاطة بتعقيدات كثيرة، وأن الرؤية فيها ضبابية بسبب حدة الاستقطاب والتوظيف السالب للإعلام، مما يصرف الأنظار في كثير من الأحيان عن حجم أخطار المؤامرة التي يواجهها السودان، فضلاً عن مطامع بعضهم التي تتحلق حول أرضه وخيراته، في محاولة للإجهاز عليه وتقسيمه إلى دويلات عدة، إذ أضحى نجاح هذه المخططات قاب قوسين أو أدنى". وأضافت أن "فكرة إحداث تغيير ديموغرافي في إقليم دارفور لم تكن حديثة بل هي قديمة متجددة ظهرت خلال الحرب التي شهدها الإقليم عام 2003 عندما استجلب نظام البشير المستوطنين الجدد، وبالتالي فإن ما حدث في الحرب الدائرة حالياً في البلاد هو امتداد لحرب دارفور التي فُرضت على الشعب السوداني بصورة عامة وعلى أهل دارفور تحديداً، فهناك مجموعات وجدت ضالتها في هذه الأحداث وعملت على استكمال مخطط الإسلاميين القديم".

ولفتت إلى أن المتابع لحربي دارفور والخرطوم يجد أن الفاعل الذي أشعل كلا الحربين هو جهة واحدة مع تبديل المواقع بالنسبة إلى المجموعات المتقاتلة، مؤكدة أن عمليات القصف الجوي والمدفعي تجاه المدن والقرى من قبل طرفي القتال يهدف بصورة رئيسة إلى قتل وتشريد السكان وتهجيرهم واحتمائهم بمعسكرات نزوح على هامش المدن، ولجوء بعضهم إلى دول الجوار الأفريقي، ليكتمل المخطط باقتلاع الأراضي وتسليمها إلى سكان جدد، وبهذا يتحقق التغيير الديموغرافي في كامل الإقليم، ويظهر ذلك جلياً من خلال مشاركة مجموعات من خارج السودان في هذه الحرب، إضافة إلى عمليات قصف الطيران الحكومي لبعض المدن التي تقطنها قبائل بعينها تحت ذريعة أن أفرادها حواضن يجب قتلهم وإبادتهم.

إمارة عربان الشتات

وكانت قيادات أهلية وناشطون من قبيلة الفور بولاية وسط دارفور أعلنت رفضها القاطع لإنشاء الدعم السريع إمارة جديدة لمجموعة عربية وافدة من دولة أفريقيا الوسطى، محذرين من إحداث تغيير ديموغرافي وتمكين مجموعات بديلة على حساب السكان الأصليين.

ونشرت منصات تابعة لقوات الدعم السريع مقطع فيديو لاحتفال أقامته مجموعة أولاد بركة ومبارك لمناسبة تأسيس الإمارة، والذي خاطبه قائد قطاع وسط دارفور في "الدعم السريع" العميد محمد آدم بنجوز، إذ أثارت هذه الخطوة ردود فعل غاضبة ومطالبات بضرورة التدخل لوقف ما وصفوه باحتلال أراضي القبائل الأصلية في المنطقة. وتنتمي مجموعة أولاد بركة ومبارك إلى قبيلة السلامات العربية التي جاءت إلى السودان قادمة من أفريقيا الوسطى خلال الأعوام الأخيرة، وتمركزت قبل حرب الخرطوم في مناطق تريج جنوب مدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، وتزايدت أعدادها بصورة كبيرة عقب اندلاع الحرب.

نقد

وُجهت العديد من الانتقادات لنظرية الدرديري حول عربان الشتات، ومنها، أنه تغاضى عن دور الحركة الإسلامية/المؤتمر الوطني على رأس الأطراف التي تآمرت على السودان منذ بداية الحرب الأهلية حتى الآن، وحاكت مشروع توطين عربان الشتات فيه وفقاً للمراحل التي صاغها في نظريته عن صناعة وتقوية الفاعل الرئيسي في المؤامرة: حميدتي.[3]

ويرى المنتقدون أن الاتحاد الأوروپي لم يلتقط حميدتي من قلب صحارى دارفور وسهولها ووديانها عام 2014 بل وجده قائداً (برتبة عميد) لقوة عسكرية صنعتها قيادة الجيش وكانت حينها تتبع لجهاز الأمن والمخابرات، وأن من قام بتنصيبه حارساً لحدود البلد هو الرئيس السابق عمر البشير وليس قوى الحرية والتغيير. وعندما انتقد رئيس حزب الأمة الراحل الإمام الصادق المهدي في 2014– وهو نفس العام الذي ادعى الدرديري أنه تمت فيه المرحلة المهمة في مؤامرته المزعومة لتوطين عربان الشتات- قامت قوات الدعم السريع بفتح بلاغ ضده في نيابة أمن الدولة تم بموجيه اعتقاله وقال جهاز الأمن في بلاغه إن هذه القوات قوات نظامية وأنها لا ترتكب انتهاكات. كما شاركت قوات الدعم السريع في عاصفة الحزم (2015) بقرار من حكومة الإنقاذ اتخذه القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المؤتمر الوطني السابق، وهو مَن طلب مِن زعماء السعودية والإمارات التعامل مع حميدتي مباشرة وليس عبر القوات المسلحة، وهو كذلك من أطلق عليه لقب "حمايتي". ويقال كذلك من قام بتنصيب حميدتي في منصب نائب رئيس المجلس العسكري في أعقاب سقوط الإنقاذ ليس قوى الحرية والتغيير أو قوى الإطاري بل هي قيادة القوات المسلحة بمن فيها الجنرال ياسر العطا الذي اكتشف فجأة، وبعد أكثر من أربع سنوات أن حميدتي يعمل على توطين عربان الشتات في السودان.

شخصيات بارزة

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "عربان الشتات ومشروع اعادة توطينهم في السودان". النيلين. 2023-06-27. Retrieved 2025-10-30.
  2. ^ "عرب الشتات وحلم "الدويلة" داخل السودان". أندپندنت عربية. 2025-10-27. Retrieved 2025-10-29.
  3. ^ "الدرديري محمد أحمد والتضليل المتعمد". التغيير. 2024-08-18. Retrieved 2025-10-30.
  4. ^ Amin, Mohammed (29 July 2019). "Hemedti: From Camel herder to Sudan's de facto ruler". Anadolu Agency. Retrieved 12 September 2019.
  5. ^ "'Janjaweed leader' is Sudan aide", BBC News, 20 January 2008
  6. ^ "Niger's Mohamed Bazoum sworn in as president after failed coup". BBC News (in الإنجليزية البريطانية). 2021-04-02. Retrieved 2021-04-02.