أخبار:المناصرة لفلسطين، كاثرين كونولي، تُنتخب رئيسة لأيرلندا
- المناصرة لفلسطين، كاثرين كونولي، تُنتخب رئيسة لأيرلندا.
 
في أكتوبر 2025 أُنتخبت المناضلة اليسارية كاثرين كونولي رئيسة جديدة لأيرلندا. تتمتع كونولي بمسيرة وخبرة عملية واسعة في علم النفس والقانون والسياسة المحلية والوطنية، وتشتهر لمناصرتها لقضايا المرأة وفلسطين. وشكل انتخابها نهاية الأسبوع الماضي بقرابة مليون ونصف المليون صوت صحيح نصراً لتحالف واسع بين أحزاب اليسار الأيرلندي، التي توحدت في دعمها، ومؤشرأً يعكس تنامي الغضب من أزمة السكن وتكلفة المعيشة، وإدارة الحكومة المُشكلة من تحالف حزبي فاين گايل وشريكه الحاكم فيانا فايل ومستقلين، واعتبر فوزها بنسبة 46% ضربة قوية لأحزاب يمين الوسط.
كاثرين كونولي
وُلدت كاثرين كونولي عام 1957 في حي شانتالا بمدينة گالواي، ضمن أسرة كبيرة مكوّنة من 13 أخاً وأختاً، ونشأت في بيئة متواضعة. غرس فيها والدها، صانع القوارب التقليدية، قيم العمل والمبادئ والعدالة الاجتماعية على حدّ قولها. توفيت والدتها وهي في التاسعة من عمرها، ما ترك أثراً عميقاً على شخصيتها وجعلها أكثر حساسية تجاه قضايا المهمشين والمظلومين.
بدأت كونولي حياتها العملية معلمة في مشروع بستنة تابع للرحل في أورانمور، وهي تجربة تقول إنها فتحت عينيها على واقع التمييز الاجتماعي ضد الأقليات، ثم درست القانون وعملت في وظائف متعددة منها عاملة نظافة، ومساعدة ممرضة، وخادمة فندقية، قبل أن تصبح طبيبة نفسية سريرية ومحامية. دخلت عالم السياسة في مجلس مدينة گالواي، ثم أصبحت أول امرأة تشغل منصب نائب رئيس مجلس النواب الأيرلندي عام 2020، بعد أن غادرت حزب العمال احتجاجاً على تهميش الأصوات المحلية في الحزب.[1]
في حملتها الانتخابية، ركّزت كاثرين كونولي على الثقافة والهوية الوطنية الأيرلندية، مستخدمة وسائل التواصل الاجتماعي بمهارة غير مسبوقة لجذب الناخبين الشباب الأمر الذي ساهم في فوزها بحسب عدد من المراقبين لمشهد الانتخابات الرئاسية الأيرلندية بشكل عصري وغير مسبوق. تميزت حملتها بطابع شعبي وموسيقي، وبمقاطع فيديو عفوية أبرزت شخصيتها القريبة من الناس.
حقوق المرأة
خلال مسيرتها السياسية، دافعت بقوة عن حق النساء في الإجهاض، وهاجمت ما وصفته بـ"النفاق الأخلاقي" في تعامل الدولة مع قضايا الصحة الإنجابية. كما دعمت النساء من مجتمعات الرحّل والمهاجرات، معتبرة أن النسوية الحقيقية "لا تتحدث فقط باسم النساء في القمة، بل باسم اللواتي تُهمّش أصواتهن في القاع". وخلال حملتها الرئاسية، أكدت أن تمكين النساء يجب أن يشمل "إصلاحات ملموسة في الأجور، والرعاية الصحية، والإسكان، وليس شعارات رمزية". وتربط كونولي بين النسوية والسياسة الخارجية أيضًا، إذ تصف الحروب بأنها "امتداد لثقافة ذكورية تتغذى على السيطرة"، وتقول: "النساء أكثر ميلًا للتحدث من أجل السلام، وأيرلندا تحتاج هذا الصوت الآن أكثر من أي وقت مضى".
تؤمن كاثرين كونولي بأن هناك "خوفاً عميقاً من قوة المرأة"، وترى أن السلطة الحقيقية تكمن في التعاطف والنفور من العنف. وتعد بأن تجعل الرئاسة منصة لتعزيز النقاش الديمقراطي، والدفاع عن التنوع، وبناء "جمهورية جديدة تُقدّر الجميع". وبرغم أن منصب الرئيس في أيرلندا رمزي إلى حد كبير، فإن انتخابها يُعد نقطة تحول تاريخية في الحياة السياسية الأيرلندية، إذ يجسد رغبة عميقة في التغيير وتجديد الثقة بالقيادة النسوية المستقلة، إذ إنها ثالث امرأة تُنتخب لهذا المنصب منذ سنوات التسعينات.
وقالت في مقابلة مع موقع "هير" الشهر الحالي قبل انتخاباها "لطالما نظرنا إلى النساء كمشكلة، وأعتقد أن ذلك يعود إلى الخوف من قوة المرأة؛ النساء اللواتي يتفاعلن مع مشاعرهن. أعتقد أنهن أكثر ميلاً للتحدث من أجل السلام". وأكدت كاثرين كونولي أن هناك رجالاً صالحين أيضاً، لكنها تعتقد أن "المؤسسة" تخشى النساء اللواتي "يُطلقن العنان لمشاعرهن".
مناصرة فلسطين
عُرفت كونولي بمواقفها الجريئة والمبدئية، خصوصًا دفاعها الثابت عن القضية الفلسطينية وحياد أيرلندا العسكري، وانتقادها لاستخدام الجيش الأمريكي لمطار شانون. تُعرّف نفسها بأنها "مُستضعفة" سياسياً، لكنها تمكنت من توحيد اليسار الأيرلندي خلفها خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، مستندة إلى دعم حزب العمال والحزب الاشتراكي الديمقراطي وحركة "الشعب قبل الربح"، إلى جانب شريحة واسعة من الشباب والفنانين والمستقلين، كما حصلت على دعم حزب "شين فين" لاحقًا الذي سحب مرشّحه.
خلال جلسة في البرلمان الأيرلندي في أبريل 2025، قالت كاثرين كونولي إن أيرلندا "تتحمل مسؤولية" وتُسهّل الإبادة الجماعية في فلسطين، عبر استخدام مطار شانون وتجارة الأسلحة والاستثمارات، وأن عليها أن تتصرف حيال ذلك. وفي بيان لها في سبتمبر 2025، دانت الهجوم الإسرائيلي على أسطول الصمود العالمي أثناء توجهه لكسر الحصار عن غزة وصرّحت أنها باعتبارها رئيسة محتملة ستسافر إلى فلسطين لدعم الشعب الفلسطيني.
واعتبرت في مقابلة مطلع أكتوبر 2025 أن التجارة بين أيرلندا وإسرائيل هو أمر "فاحش" وأدانت التجارة مع دولة ترتكب إبادة جماعية، وطلبت تطبيق قانون الأراضي المحتلة. وفي مقابلة أخرى عندما سُئلت عن أحداث السابع من أكتوبر 2023 التي نفذتها حركة حماس، أدانت ما حصل في ذلك اليوم من جرائم حرب داعية إلى محاسبة الطرفين، لكنها حذّرت أن التاريخ لا يبدأ من ذلك اليوم، كما قالت إن حركة حماس جزء من نسيج الشعب الفلسطيني.
وأثناء إطلاق حملتها الانتخابية، قالت إنها تختلف مع موقف رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر القائل بأن حماس يجب ألا تشارك في أي حكومة فلسطينية، معتبرة أن هذا القرار شأن فلسطيني. ورفضت في تصريحات أخرى اعتبار الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة "شركاء موثوقين" تعليقًا على ما يجري في غزة بسبب ارتباطهم بصناعة السلاح. في حديث انتخابي وجهته إلى الشعب الأيرلندي، وعدت بأن تكون "صوتًا للسلام والعدالة" وتستخدم منصبها، رغم طبيعته الرمزية، للدفاع عن الفلسطينيين.
الشأن الأوروپي
تتبنى كونولي موقفاً يميل إلى اليسار المناهض للمؤسسة فيما يخص القضايا الأوروپية والعسكرية، إذ أدانت بشدة الغزو الروسي لأوكرانيا وأكدت التضامن مع الشعب الأوكراني الذي تعرض للتهجير والقتل، لكنها في الوقت نفسه تبدي تحفظات قوية على الدور الغربي. كما انتقدت كونولي حلف الناتو وتتهمه "بالتحريض على الحرب" من خلال التوسع والاقتراب من الحدود الروسية، وترفض بشدة أي توجه نحو "عسكرة القارة" الأوروپية أو التنازل عن مبدأ الحياد الأيرلندي التقليدي، محذرة من الانضمام إلى الناتو بـ"طريقة مجزأة" عبر حضور اجتماعات مجموعات الاتصال الدفاعية. كما تنتقد بشدة قيادات الاتحاد الأوروپي، وعلى رأسهم رئيسة المفوضية أورسولا فون در لاين، على تصريحاتها التي تراها "غير سلمية" وتخدم تيار "الصناعة العسكرية" الذي يستفيد من الحرب المستمرة.
انظر أيضاً
المصادر
- ^ "كاثرين كونولي... نسوية داعمة لفلسطين وحدت اليسار في انتخابات رئاسة أيرلندا". مم. 2025-10-27. Retrieved 2025-10-28.